مرحبا بكم زوار مدونتي الأعزاء
تأخرت عليكم بالتدوين، ومن حقكم أن تعاتبوني، لكن مشاغل الحياة كثيرة، والتدوينات لا بد أن تكتب على مزاج رايق، لكي تظهر بالشكل الأفضل.
اليوم سأتحدث عن أمر، تقني اجتماعي، وسأخبركم بقصة ثم سأعلق بعدها، القصة حديثة، وليست بالغريبة وال
طريفة، لكنني أريد أن أصل لهدف ما من وراء القصة.
بينما أنا أتصفح الإنترنت كعادتي، أقرأ الأخبار، وأبحث عن جديد التكنولوجيا والبرامج، وكان أحد برامج المحادثة مفتوح، جاءتني إضافة من اسم مجهول، قبلتها على الفور لكنني لم أقم بالكتابة إليه، فأكملت عملي.
كتب إلي ذلك الاسم بالتحية والسلام، والسؤال عن الاسم والعمر وما إلى ذلك، أجبت بعد مدة وأنا متردد، وسألته من أنت؟ فأجابتني بأنها فتاة من إحدى الدول العربية، وأنها تدرس الجامعة والكثير غير ذلك.
المهم، بعد أن أجبت على الأسئلة، ظننت أن الأمر قد انتهى، وبينما أنا أحضر كوبا من القهوة، وجدت منها عدة رسائل، تسألني أين أنت ولماذا لم تكتب إلي.
أجبت على الرسائل باندهاش، وقلت لها كنت بعيد عن الجهاز، فبدأت تحدثني عن نفسها، بطريقة عفوية وغريبة جدا، أخبرتني بكل شيء، ما تتخيلوه وما لا تتخيلوه، عن أهلها، وأمها وأبيها، وعن صديقاتها، ومشاكلها العائلية. والغريب أنني لم أسأل عن كل ذلك بل هي كانت تكتب رسائل متتالية.
ما زلت مستغرب مما تفعله هذه الفتاة المجهولة، وبعد عدة أيام اختفت هذه الفتاة، وظهرت بعد ما يقرب من أسبوع، وبدأت تسأل عني وعن أحوالي وما إلى ذلك. أجبتها بتثاقل. فقالت لي أريد أن أخبرك بأمر مهم….
فقلت لها تفضلي. فقالت أنا عاشقة لشخص يدعى فلان، فضحكت وقلت لها بالبركة.
ثم سألتها من أين تعرفتي عليه، فقالت عن طريق الإنترنت. ضحكت وسألتها منذ متى عرفتي هذا الرجل؟ فقالت منذ عدة أيام وإني عاشقة له!!!!!!
لم أستطع التوقف عن الضحك، وكتبت لها بأسلوب ساخر: ما شاء الله هذا الحب سريع جدا.
غضبت مني الفتاة، وقالت أنت تضحك علي فقط.
قلت لها هل لي أن أسأل سؤالا؟ فقالت تفضل أكيد.
قلت لها: هل تعرفي من أنا؟ قالت نعم أنت فلان من البلد الفلانية. فقلت لها وما الذي يضمن لكي هذا الكلام؟
قالت أنت الذي أخبرتني. فقلت وهل تعرفي أن كنت أصدقكي القول أو أكذب؟ قالت: لا.
فسألتها: هل تعرفي إن كنت فتاة أو رجل؟ أو إن كنت إنسان حقيقي أو آلة؟ أو إنني موجود على أرض الواقع أو في مكان آخر؟
فقالت أنت تخوفني بكلامك.
فقلت لها: هذا هو الواقع.
إن عالم الإنترنت هو عالم واسع، تختلف فيه الأجناس والتوجهات والأفكار، فهو فضاء رحب ومتنوع، فيه الصالح والطالح، والخلوق ومن يتصنع الأخلاق من أجل مآرب أخرى.
فكيف لكي أن تميزي ذلك وإنتي في بيتك؟
فقالت لي: لقد فتحت عيوني على أشياء كنت أجهلها ولم تخطر على بالي.
ولكن دوري أنا أن أسألك الآن سؤال: فقلت تفضلي أكيد.
فقالت: وما مصلحتك أنت أن تخبرني بهذا الكلام؟
فقلت لها: إنني أعمل في الإنترنت منذ مدة، وأعرف أحواله وممارساته، ولكل شخص منا رسالة يؤديها في هذا المجتمع، وهذا أبسط ما يمكن تقديمه.
بعد عدة أشهر اختفت الفتاة نهائيا ولا أعرف عنها أي شيء حتى الآن.
ما أود الوصول إليه من هذه القصة، أني وجدت الكثير من الفتيات العاشقات للمجهول، يتحدثن عن الحب والغرام، وكأن أحدهن صاحبة قيس، أو صاحبة ابن زيدون في الأندلس.
ثم يتبين أن الحبيب يسكن في السحاب ولم تره في حياتها.
إن الإنترنت جلب لنا فوائد كثيرة لا يمكن حصرها هنا، ولكن، لا بد أن نكون مدركين بعض الحقائق التي لا ينبغي أن تحجبها عنا غمامة الحب، أو ما دون ذلك.
وهي أن الإنترنت هو عالم افتراضي، نجهل الكثير من أسراره ورواده وكتابه، فلا أحد منا يعلم، من الذي يغرد في تويتر بكذا وكذا إلا من حالفنا الحظ لنلتقي بهم، أو من هم محرري الأخبار، أو القائمين على موقع معين، أو من يقوم على شركاتبأكملها، كل هذا في حكم المجهول.
وحتى إن عرفنا اسم فلان الفلاني، هل تعرف من يكون هذا، وهل هو ذلك الشخص الذي نعتقد أو شخص آخر، هل هو كبير أم صغير، هل هو فعلا يطبق ما يكتبه، أم هو شخص منحل أخلاقيا ويكتب غير ما يفعل ليظهر نفسه في أحسن صورة، خاصة وأن أحدى لن يعرف من يكون.
هل يعقل أن تقوم فتاة، بتسليم أغلى ما تملك لشخص يسكن في عالم مجهول؟، هل أصبح الحب رخيصا إلى حد يعبث به الصغار والكبار وضعفاء النفوس، هل أصبح تبديل الحبيب سمة من سمات الموضة، كما هو الحال مع تبديل الملابس والمكياج والعطور.
هل يصدق أن تعجب فتاة بمن يكتب لها كلمتين، ربما قام بنسخهما من تويتر أو من أحد المواقع، هل أصبح الحب يأتي بالكلام ويذهب بالكلام؟؟؟
هل تساءلنا يوما، لماذا كلما ساءت أخلاق الشخص كثرت الفتيات من حوله، وكثرت المعجبات لدرجة أنه يقوم بالتقليل منهن، وذلك بالتوزيع على الأصدقاء، بحيل واهية وغبية، لكنها تكون مقنعة للفتيات.
لم أقصد من تدوينتي هذه التهجم على الفتيات بالعكس، لكنني والله سمعت وتعايشت مع قصص لا تصدقها أذني لولا ثقتي بمن يرويها، ولولا أنني تعايشت مع أشخاص مروا بهذه القصص الغريبة.
في النهاية، أوجه نصيحتي للفتيات:
إن الإنترنت هو مكان لاكتساب المعرفة والتسلية وليس لتوزيع القلوب على الجهال من الرجال، وإن الإسلام قد أكرم المرأة، فالنساء شقائق الرجال كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع.
والمرأة هي مربية الأجيال، وأساس المجتمع، فلو صلحت صلح المجتمع ولو فسدت فعلى المجتمع السلام.
في ختام تدوينتي هذه، أرفع القبعة لكل فتاة ضحت وكافحت من أجل مجتمعها وبناء مستقبلها، ولكل فتاة اهتمت بقضايا أمتها وابتعدت عن السخافات.
روز says
ما شاء الله صدقت في.كل كلمة عبرت عنها استاذي واتمنى لك المزيد من التقدم ورقي
kind heart says
السلام عليكم ورحمة الله, مقال أقل ما يقال عنه رائع, فعلا رائع بكل معنى الكلمة, ولو أن كل فتاة وكل شاب انتبه لما تقول: لصلحت أحوال الكثير من شبابنا وفتاياتنا الذين ضيعوا حياتهم وليس فقط قلوبهم بهذه الطريقة من التعارف, قلم مميز ورسالة فعلا مفيدة لكل من يقرأها, تحياتي وتقديري