في بداية صباح جميل، كان يتحسس هاتفه، بحثا عن التطبيق الذي يمكنه من طلب سيارة أجرة، لأنه لا يستطيع القيادة فقد أكرمه الله بالبصيرة عوضا عن البصر. يتحرك بين أيقونات التطبيق باستخدام قارئ الشاشة المضمن في هاتفه، بصعوبة يتمكن من طلب سيارة الأجرة بعد عناء طويل، لأن التطبيق لم يتم تصميمه للعمل مع قارئات الشاشة بشكل جيد.
تصل سيارة الأجرة، ويتوجه لإحدى المؤسسات لإنهاء معاملة تخصه. لكن حينما يصل، يخبره الموظف المختص بأن الخدمة لا يمكن إنجازها في المؤسسة، فقد تحولت إلى خدمة إلكترونية بالكامل.
يتهلل وجهه فرحا، رغم تجشمه عناء المجيئ، ويشكر الموظف على تسهيل حياة المواطنين. ثم يهرع إلى تطبيقه ذاك قافلا إلى منزله.
بسرعة يتوجه إلى حاسوبه، المزود بقارئ للشاشة هو الآخر، والذي يقوم بتحويل النص إلى كلام، يفتح موقع المؤسسة لإنجاز الخدمة.. يبدأ برنامجه بالهذيان، وقراءة رموز غريبة، يحاول الوصول للأيقونات، ويستعين بكل ما تعلمه خلال السنوات الماضية، لكن دون جدوى.. هذا الموقع لم يتم تهيئته للعمل مع قارئ الشاشة.
***
ها نحن اليوم نعيش في عصر التقنيات الحديثة، والتي ساهمت في تقريب البعيد، وتسهيل تقديم الخدمات المتنوعة من أي مكان وفي أي وقت. وقد استفاد الأشخاص ذوي الإعاقة من التقنية، كما لم يستفد غيرهم منها. دخلت في صميم حياتنا، ساعدتنا على إنجاز الكثير، أوجدت الوظائف، فتحت التخصصات، جعلتنا نقرأ ونكتب، ونتواصل، ونعبر عن آراءنا، تطلعاتنا، نحكي قصصنا، ونروي مواقفنا اليومية بكل حرية.
لكن ما زلنا نواجه التحديات. تلك التي يمكن تجاوزها لو عملنا معا على تبني النفاذ الرقمي، والذي نعني به، تهيئة الخدمات والتطبيقات والمعلومات، للتوافق مع التقنيات المساعدة، ومستخدميها من ذوي الإعاقة. الذين هم جزء لا يتجزء من المجتمع، نحتاج إلى الخدمات السهلة الميسرة، التي توفر علينا عنناء التنقل، نحتاج إلى المعلومات في وقتها المناسب عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها.
لقد أصبح تطبيق النفاذ الرقمي في المؤسسات الحكومية والخاصة ضرورة ملحة اليوم، لما تشكله هذه الخطوة من أهمية بالغة في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، وضمان استفادتهم من كافة الخدمات الحكومية وغير الحكومية. إنه حق أصيل وواجب والتزام يجب على المؤسسات الوفاء به، وثقافة علينا تبنيها، لننعم جميعا بالخير والرخاء على أرض الوطن العزيز.
عزّزت التقنيات المساعدة وميزات منصات التواصل الاجتماعي من إمكانية وصول ذوي الإعاقة للمحتوى الرقمي بمختلف أنواعه، في ظل وجود تشريعات وأطر منظمة للنفاذ الرقمي.#النفاذ_الرقمي#التواصل_الحكومي pic.twitter.com/Czfm8Mk36F
— التواصل الحكومي (@Oman_GC) December 17, 2018
اترك تعليقاً